غاز الميثان الخطر الصامت

من طرف أميرالجبل 24/3/2012, 3:23 am

[size=12]هيدروميثان في اعماق البحار

على سطح الارض لم تعد هناك الكثير من المناطق التي لانعلم عنها شئ، في حين ان اعماق البحار لازالت مليئة بالاسرار. قبل 30 سنة فقط بدأ العلماء بالوصول الى الكائنات الغريبة في الاعماق السحيقة ووصفها. الشقوق الهائلة في اعماق البحار تنشأ عادة بسبب ابتعاد الارصفة القارية عن بعضها مثلا وسط الاطلسي وشرق المحيط الهادئ.

المياه القادمة من هذه الشقوق يمكن ان تصل درجة حرارتها الى 300 درجة مئوية، ولكن بسبب الضغط العالي لاتتحول الى بخار. سولفات النحاس والحديد والتوتياء يجعلون لون المياه غامقة فتسمى الدخان الاسود، في حين ان مايسمى بالمياه البيضاء يحدث بسبب التفاعل مع المعادن الاكثر بياضاُ مثل الباريوم والكالسيوم او الكيسيل. في المنطقة الباردة المحاذية نجدها غنية بالنباتات المختلفة تماما عن بقية مناطق اعماق البحار الفقيرة عادة بالتنوع.

الدوائر الحمر تشير الى اماكن وجود الهيدرميثان في البحار، والمربعات الحمر تشير الى اماكنه على اليابسة، اما البرتقالية فهي اماكن متوقعة.

شروط الحياة في هذه البيئة هو ان تكون الكائنات من نوع autotrofa, اي التي تستغل مركبات الكبريت او غاز الميتان للحصول على الطاقة، عوضا عن اشعة الشمس، في السعي لانتاج النشويات من خلال التمثيل الكيميائي (عوضا عن التمثيل الضوئي). الكائنات المجهرية تُشكل سجادات عديدة على امتداد مسافة معينة من مصادر المياه الحارة لتكون مصدر لغذاء كائنات اكبر مثل الجومبري والحلزونات والاخطبوط وحتى ثعابين الماء. اكثر هذه الكائنات فعالية في استغلال هذه البيئة هي عائلة الديدان ذات اللحى، Pogonophora, التي تقوم ببناء انابيب بطول متر ومنها النوع Riftia pachyptila.

ديدان المآذن من نوع Riftia pachyptila, تعيش في التحام عميق مع بكتريا كبيرة تحتويها في داخلها. الديدان لاتملك فم او معدة لهضم الطعام وانما تقوم بأخذ المواد الغذائية مباشرة البكتريا التي تعيش في انسجتها. غير انها تملك شبكة من الانابيب حيث الهيموغلوبين يتوحد مع الاوكسجين ومركبات الكبريت لينقله الى البكتريا.

جميع هذه الكائنات جزء من منظومة بيلوجية حيث يكون غاز الميتان ناتج ثانوي بكميات كبيرة.

عدا مركبات الكبريت تحتوي المياه الحارة على فقاعات من غاز الميتان, CH4. قسم كبير من غاز الميتان في اعماق البحار ينشأ عندما تقوم الكائنات المجهرية بتفكيك المواد العضوية. هذا الغاز ينحدر بهدوء الى اعمق الاعماق. في بعض البيئات الخاصة ، حيث الحرارة منخفضة والضغط مرتفع، يتمكن غاز الميثان من التحول الى شكل ثابت metanhydrat, وهي مادة اعطت الكثير من الامل والحذر. ماءات الميثان يكون مضغوط داخل ذرة الماء.

في سبعينات القرن الماضي عثر على هذه المادة عند الحفر بحثا عن النفط، (على شكل طبقات او مخلوطة بالرمال). على سطح الارض توجد فقط في الشمال تحت الجليد الابدي، اما في اعماق البحر فتوجد في الشقوق التي تربط الارصفة القارية. في القطب نجدها على اعماق ضحلة او على اعما تصل الى 1000 متر عندما تكون المياه اكثر دفئا (حوالي 2 درجة مئوية). وحتى في البحيرات العميقة، مثل بحر الكاسبيك وبحيرة بيكال، تم العثور على هذه المادة.

عند الضغط العالي وحتى درجة حرارة حوالي 18 مئوية تكون هيدرات الميتان مستقرة، بعد ذلك تبدأ بالتفكك. من الممكن إشعال هيدرات الميتان وهي عملية تشبه حرق الثلج. الايسوتوب لذرات الكربون في مركبات هيدرات الميتان تشير الى ان الميثان ، بالدرجة الرئيسية ، ذو منشأ عضوي. هذا الامر ينفي ان يكون ذو منشأ بركاني.

حسب اكثر الحسابات السابقة تفائلا فإن كمية الهيدروميثان في البحار قادرة على انتاج كمية من الطاقة تعادل جميع المصادر العضوية مجتمعة (نفط ، فحم، غاز)، غير ان الحسابات اللاحقة اظهرت ان الطاقة تساوي الغاز العضوي فقط. إضافة الى ان الهيدروميثان يوجد غالبا مخلوظ بالرمال والطين مما يقلل القدرة على استغلاله. غير ان الصين والهند واليابان قد خصصوا مبالغ هائلة من اجل تطوير وسائل استغلال هذه المادة. ولكن حتى الان لاتوجد استغلال تجاري

في شقوق اعماق البحار يتفاعل هيدر ميثان بطريقة تزيد من حدية انحدار حواف الشقوق. من غير المعروف مدى استقرار بنية الشقوق، ولكن اذا تحول الهيدروميثان الى غاز من خلال رفع درجة حرارة الاعماق فسيحدث انجراف ارضي. توجد العديد من الدلائل على حدوث مثل هذه الانجرافات الارضية في العصور الجيلوجية السابقة. احدى هذه الانجرافات الهائلة حدثت قرب Stregga, خارج الساحل النرويجي، قبل 8 الاف سنة.

الهيدروميثان ظاهرة طبيعية، وإذا انطلق من تحت البحار فستكون الكارثة عالمية. عدا عن الانجرافات الارضية، إن غاز الميثان له تأثير يمنع الاشعاعات الشمسية عن الانعكاس وبالتالي يرفع درجة حرارة الارض. حسب موديل غير مؤكد، من المعتقد ان تشكل الميثان وتفككه عبر العصور لعب دورا اساسيا في تشكل دورة العصور الجليدية التي مرت على الارض.

في فترة العصور الباردة يتزايد مقدار الهيدروميثان، ولكن بفضل ازدياد حجم الكتلة الجليدية القارية ينخفض مستوى سطح البحار وبالتالي يقل الضغط في الاعماق. عندما يختل التوازن الدقيق يتحرر بعض الميثان في شكله الغازي، مما يزيد من ارتفاع درجة حرارة الجو وتزداد حرارة البحر. من خلال ترابط ايجابي يمكم ان يحدث ذلك بتسارع اكبر.

غير ان ارتفاع الحرارة زائلة لكون غاز الميثان له فترة حياة محدودة في الجو. ارتفاع حرارة الجو، مايعرف بظاهرة البيوت الزجاجية، يتوقف عن التزايد في نفس الوقت الذي يكون مستوى سطح البحر قد ارتفع خلال هذه الفترة بسبب ذوبان الجليد القاري. عندها يبدأ العد التراجعي لفترة جليدية جديدة إذ ان الهيدروميثان يستمر في التجمع والتخزن. حتى الان لاتكفي معلوماتنا تماما لتحديد علاقة الميثان التامة في انطلاق عصر جليدي جديد.

يعتقد ان الموت الجماعي للحيوانات البحرية في العصر وعلى الاخص trilobiter, التي جرت قبل 55 مليون سنة في العصر الجيلوجي مابين بيرم وترياس، حدثت بسبب انطلاق غاز الميثان من اعماق البحر.

هذه الامكانيات التي يقدمها غاز الميثان، وهذه المحاذير التي يتضمنها جذبت العلماء والباحثين وحتى كتاب الروايات ومخرجي الافلام. بعض القصص يصل بها الخيال الى خلق روايات عن تسونامي يغرق مساحات شاسعة، ولكن حتى الان لايستطيع العلم نفي هذه الامكانيات الخيالية

مصادر:
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]

[/size]