بسم الله الرحمن الرحيم
عام 1925 كان المجاهدين والثوار فى دمشق قد ثاروا ضد الإحتلال الفرنسى الغاشم , فما كان ما الفرنسيين إلا أن ضربوا دمشق وأحيائها التى تعج بالسكان المدنيين بالقنابل والديناميت والمدافع , فكانت نكبة وكارثة , ووصمة عار فى حق المستعمر الفرنسى المغتصب .
تفاعل قلب و قلم أحمد شوقى حزناً لهذه الكارثة والنكبة التى حلت بدمشق وكتب قصيدته الخالدة نكبة دمشق وقلبه يعتصر ألماً وحزناً
نكبة دمشق لأمير الشعراء أحمد شوقى _
سلام من صبا بردى أرق
ودمع لا يكفكف يادمشق
ومعذرة اليراعة والقوافى
جلال الرزء عن وصف يدق
وذكرى عن خواطر قلبى
إليك تلفت أبداً وخفق
وبى مما رمتك به الليالى
جراحات لها فى القلب عمق
دخلتك والأصيل له ائتلاف
ووجهك ضاحك البسمات طلق
وتحت جناتك الأنهار تجرى
وملء رباك أوراق وورق
وحولى فتيه غر صباح
لهم فى الفضل غايات وسبق
على لهواتى شعراء لسن
وفى أعطافهم خطباء شدق
رواة قصائدى فاعجب لشعر ٍ
بكل محلة يرويه خلق
غمزت إبائهم حتى تلظت
أنوف الأسد واضطرم المدق
وضج من الشكيمة كل حر
أبى من أمية فيه عتق
لحاها الله أنباء توالت
على سمع الولى بما يشق
يفصلها إلى الدنيا بريد
ويحملها إلى الأفاق برق
تكاد لروعة الأحداث فيها
تخال من الخرافة وهى صدق
وقيل معالم التاريخ دكت
وقيل أصابها تلف وحرق
ألست دمشق للإسلام ظئرا
ومرضعة الأبوة لا تعق
(صلاح الدين) تاجك لم يجمل
ولم يوسم بأزين منه فرق
وكل حضارة فى الأرض طالت
لها من صرحك العلوى عرق
سمائك من حلى الماضى كتاب
وأرضك من حلى التاريخ رق
بنيت الدولة الكبرى وملكا
غبار حضارتيه لا يشق
له بالشام أعلام وعرس
بشائره بأندلس تدق
رباع الخلد ويحك , ما دهاها
أحق أنها درست أحق ؟
وهل غرف الجنان منضدات
وهل لنعيمهن كأمس نسق
وأين دمى المقاصر من حجال
مهتكة وأستار تشق
برزن, وفى نواحى الأيك نار
وخلف الأيك أفراخ تزق
إذا رمن السلامة من طريق
أتت من دونه للموت طرق
بليل للقذائف والمنايا
وراء سمائه خطف وصعق
إذا عصف الحديد احمر أفق
على جنباته واسود أفق
سلى من راع غيدك بعد وهن
أبين فؤاده والصخر فرق
وللمستعمرين وإن ألانوا
قلوب كالحجارة لا ترق
رماك بطيشه ورمى فرنسا
أخو حرب به صلف وحمق
إذا ما جاءه طلاب حق
يقول عصابة خرجوا وشقوا
دم الثوار تعرفه فرنسا
وتعلم أنه نور وحق
جرى فى أرضها فيه حياة
كمنهل السماء وفيه رزق
بلاد مات فتيتها لتحيا
وزالوا دون قومهم ليبقوا
وحررت الشعوب على قناها
فكيف على قناها تسترق
بنى (سورية) اطرحوا الأمانى
وألقوا عنكم الأحلام ألقوا
فمن خدع السياسة أن تغروا
بألقاب الإمارة وهى رق
وكم صيد بدا لك من ذليل
كما مالت من المصلوب عنق
فتوق الملك تحدث ثم تمضى
ولا يمضى لمختلفين فتق
نصحت ونحن مختلفون دارا
ولكن كلنا فى الهم شرق
ويجمعنا إذا اختلفت بلاد
بيان غير مختلف ونطق
وقفتم بين موت أو حياة
فإن رمتم نعيم الدهر فاشقوا
وللأوطان فى دم كل حر
يد سلفت ودين مستحق
ومن يسقى ويشرب بالمنايا
إذا الأحرار لم يسقوا ويُسقوا
ولا يبنى الممالك كالضحايا
ولا يدنى الحقوق ولا يحق
ففى القتلى لأجيال حياة
وفى الاسرى فدى لهم وعتق
وللحرية الحمراء باب
بكل يد مضرجة يدق
جزاكم ذو الجلال بنى دمشق
وعز الشرق أوله دمشق
نصرتم يوم محنته أخاكم
وكل أخ بنصر أخيه حق
وما كان الدروز قبيل شر
وإن أخذوا بما لا يستحق
ولكن ذادة وقراة ضيف
كينبوع الصفا خشنوا ورقوا
لهم جبل أشم له شعاف
موارد فى السحاب الجون بلق
لكل لبوءة ٍ ولكل شبل ٍ
نضال دون غايته ورشق
كأن من السموأل فيه شيئا
فكل جهاته شرف وخلق
تحليل للمعانى :
سلام من صبا بردى أرق = أى أن الشاعر يلقى سلام أرق من صبا بردى
دمع لا يكفكف = دموع غزيرة لا تتوقف
جلال الرزء = الرزء هى المصيبة ويقصد